Arabic Language

الشَّيْخُ الْهِنْدِيُّ

الشَّيْخُ الْهِنْدِيُّ

This Arabic story is for learners of Arabic as an additional language. We took it from a book written by Kamil Keilany, an Egyptian writer and a poet. The original text was written for native speakers of Arabic. To make it suitable for learners of Arabic as an additional language, we have abridged it, rephrased it in an elegant, flowing, and less complicated prose, and added to it our creative writing touch. Besides, we have fully vowelized it to make more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for upper-intermediate and low advanced learners.

فِي الْهِنْدِ، عَاشَ شَيْخٌ اِسْمُهُ سَادُودَانَا. كَانَ الشَّيْخُ سَادُودَانَا ذَكِيًّا، وَحَكِيمًا، وَطَيِّبًا؛ وَكَانَ يُسَاعِدُ الْمَظْلُومِينَ وَالضُّعَفَاءَ دَائِمًا. وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، قَرَّرَ الشَّيْخُ أَنْ يَذْهَبَ فِي رِحْلَةٍ إِلَى مَدِينَةِ بَنَارِسَ كَي يَزُورَ بَعْضَ أَقَارِبِهِ.

مَشَى الشَّيْخُ طَرِيقًا طَوِيلَةً. وَطَوَالَ الطَّرِيقِ، كَانَ يُسَاعِدُ النَّاسَ، وَيُزِيلُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَيُطْعِمُ الْحَيَوانَاتِ. وَأَثْنَاءَ رِحْلَتِهِ، رَأَى نَمِرًا هِنْدِيًّا كَبِيرًا مَحْبُوسًا فِي قَفَصٍ. اِقْتَرَبَ الشَّيْخُ مِنَ الْقَفَصِ قَلِيلًا، وَنَظَرَ إِلَى النَّمِرِ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يُفَكِّرْ فِي تَحْرِيرِهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَاثِقًا أَنَّ النَّمِرَ سَوْفَ يَأْكُلُهُ. قَدَّمَ الشَّيْخُ طَعَامًا لِلنَّمِرِ. وَقَبَلَ أَنْ يَذْهَبَ الشَّيْخُ، كَلَّمَهُ النَّمِرُ.

قَالَ النَّمِرُ: لَقَدْ أَشْفَقْتَ عَلَيَّ أَيُّهَا الشَّيْخُ الطَّيِّبُ. أَشْكُرُكَ عَلَى هَذَا الطَّعَامِ؛ لَكِنَّكَ تَعْلَمُ جَيِّدًا أَنَّ أَيَّ كَائِنٍ يُفَضِّلُ أَنْ يَمُوتَ عَلَى أَنْ يَظَلَّ مَحْبُوسًا. لَقَدْ حَبَسُونِي فِي هَذَا الْقَفَصِ الْكَبِيرِ الصُّلْبِ، وَذَهَبُوا. أَنَا هُنَا مِنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ؛ وَأَتَمَنَّى أَنْ يُسَاعِدَنِي أَحَدٌ. هَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تَفْتَحَ لِي بَابَ الْقَفَصِ أَيُّهَا الشَّيْخُ الطَّيِّبُ؟

تَرَدَّدَ الشَّيْخُ خَائِفًا وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ فَعَادَ النَّمِرُ يَقُولُ: أَنَا هُنَا مُنْذُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ؛ وَقَدْ أَرْهَقَنِي الْحَبْسُ وَدَمَّرَنِي. لَمْ أَعُدْ أَمْلِكُ طَاقَةً لِأَيِّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَرَى حَالِي، جَوعِي وَعَطَشِي، عَجْزِي وَخُمُولِي. لَا تَخَفْ أَيُّهَا الشَّيْخُ، أَنَا لَنْ أُؤْذِيَكَ؛ لِأَنَّنِي مُتْعَبٌ جِدًّا. أَلَا تُصَدِّقُنِي؟

نَظَرَ الشَّيْخُ إِلَى النَّمِرِ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: فِي الْحَقِيقَةِ… أَنَا لَا أُصَدِّقُكَ أَبَدًا. سَوْفَ تَأْكُلُنِي مَا إِنْ أُخْرِجُكَ مِنْ هَذَا الْقَفَصِ! أَنْتَ حَيَوَانٌ مُفْتَرِسٌ، وَأَنْتَ مُتْعَبٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّكَ مَحْبُوسٌ. فَإِذَا خَرَجْتَ؛ فَلَنْ يُنْقِذَنِي مِنْكَ شَيْءٌ.

جَلَسَ النَّمِرُ بِحُزْنٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجُوكَ، أَيُّهَا الشَّيْخُ. أَنَا ضَعِيفٌ وَجَائِعٌ. أَخْرِجْنِي، وَلَنْ أُؤْذِيَكَ أَبَدًا. سَوْفَ أَتْرُكُكَ تَذْهَبُ وَلَنْ أَقْتَرِبَ مِنْكَ أَبَدًا. أَرْجُوكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ. أَنَا أَعِدُكَ أَنَّنِي لَنْ أَلْمِسَكَ. أَرْجُوكَ! أَنَا لَنْ أَنْسَى جَمِيلَكَ هَذَا أَبَدًا، وَسَوْفَ أَحْرِصُ عَلَى أَنْ أَرُدَّ الْمَعْرُوفَ.

أَشْفَقَ الشَّيْخُ عَلَى النَّمِرِ، وَصَدَّقَ وَعْدَهُ؛ فَفَتَحَ بَابَ الْقَفَصِ لَهُ. وَقَبْلَ أَنْ يَبْتَعِدَ الشَّيْخُ، قَفَزَ النَّمِرُ وَأَوْقَعَ الشَّيْخَ، ثُمَّ وَقَفَ فَوْقَهُ قَائِلًا: الْآنَ، وَبَعْدَ أَنْ تَحَرَّرْتُ… آكُلُكَ، ثُمَّ أَذْهَبُ كَيْ أَبْحَثَ عَنِ الْمَاءِ.

خَافَ الشَّيْخُ وَاِرْتَجَفَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّمِرِ: كَيْفَ تَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ أَنْ وَعَدْتَنِي؟

أَجَابَ النَّمِرُ: أَنَا جَائِعٌ وَلَيْسَ أَمَامِي أَحَدٌ غَيْرُكَ.

صَاحَ الشَّيْخُ: لَكِنَّكَ وَعَدْتَنِي.

قَالَ النَّمِرُ: مَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْ تُصَدِّقَنِي.

اِرْتَجَفَ الشَّيْخُ وَعَرَفَ أَنَّهُ سَوْفَ يَمُوتُ تِلْكَ اللَّحْظَةَ؛ لَكِنَّهُ فَكَّرَ بِسُرْعَةٍ، وَقَالَ: اِسْمَعْ أَيُّهَا النَّمِرُ الشُّجَاعُ. أَنَا لَا أُمَانِعُ إِنْ أَكَلْتَنِي، لَكِنْ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّ جَمِيلِي.

سَأَلَ النَّمِرُ مُتَعَجِّبًا: وَكَيْفَ تُرِيدُنِي أَنْ أَرُدَّ جَمِيلَكَ؟

أَجَابَ الشَّيْخُ: أُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ مَعًا، وَنَسْأَلَ سِتَّ مَخْلُوقَاتٍ نَلْقَاهَا فِي الطَّرِيقِ. سَنَرَى إِنْ وَافَقُوا عَلَى أَنْ تَأْكُلَنِي. إِنْ وَافَقُوا، أَكَلْتَنِي؛ وَإِنْ لَمْ يُوافِقُوا، تَرَكْتَنِي.

تَفَكَّرَ النَّمِرُ قَلِيلًا، ثُمَّ وَافَقَ. مَشَى الشَّيْخُ وَالنَّمِرُ حَتَّى وَصَلَا إِلَى شَجَرَةِ تِينٍ، فَنَادَاهَا الشَّيْخُ قَائِلًا: يَا شَجَرَةَ التِّينِ الْقَوِيَّةَ، اِسْمَعِي قِصَّتَنَا وَاحْكُمِي بَيْنَنَا.

سَمِعَتْ شَجَرَةُ التِّينِ الْقِصَّةَ كَامِلَةً، ثُمَّ أَجَابَتْ: يَحِقُّ لِلنَّمِرِ أَنْ يَأْكُلَكَ. أَنْتَ أَعْطَيْتَهُ مَعْرُوفًا؛ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُلْزَمًا بِرَدِّ الْمَعْرُوفِ. أَنَا أَمُدُّ أَغْصَانِي، وَأُوَفِّرُ الظِّلَّ لِلإِنْسَانِ، فَيَجْلِسُ النَّاسُ فِي ظِلِّي وَيَسْتَرِيحُونَ؛ لَكِنَّهُم بَعْدَ ذَلِكَ يَتَسَلَّقُونَ، وَيَكْسِرُونَ أَغْصَانِي، وَيَقْتَلِعُونَ أَوْرَاقِي، وَيَرْمُونَ مُخَلَّفَاتِهِم قُرْبِي، وَيُلَوِّثُونَ تُرْبَتِي. هُم لَمْ يَرُدُّوا الْمَعْرُوفَ أَبَدًا. هَذَا هُوَ التَّعَامُلُ الْوَحِيدُ الَّذِي يُنَاسِبُكُم أَنْتُمُ الْبَشَرُ الْجَاحِدُونَ.

ضَحِكَ النَّمِرُ، وَاِقْتَرَبَ مِنَ الشَّيْخِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لَمْ نَسْأَلْ إِلَا وَاحِدًا، وَأَمَامَنَا سِتَّةٌ.

صَمَتَ النَّمِرُ، وَتَابَعَ الْمَشْيَ مَعَ الشَّيْخِ حَتَّى رَأَيَا جَمَلًا، فَنَادَاهُ الشَّيْخُ: أَيُّهَا الْجَمَلُ الصَّبُورُ، اِسْمَعْ قِصَّتَنَا وَاحْكُمْ بَيْنَنَا.

رَوَى الشَّيْخُ الْقِصَّةَ كَامِلَةً، ثُمَّ قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْكُلَكَ النَّمِرُ؛ لِأَنَّنِي لَمْ أُقَابِلْ أَحَدًا يُقَدِّرُ الْمَعْرُوفَ. كُنْتُ قَوِيًّا فِي شَبَابِي، وَكَانَ صَاحِبِي يَعْتَمِدُ عَلَيَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ يُطْعِمُنِي أَفْضَلَ طَعَامٍ، وَيَسْقِينِي أَفْضَلَ مَاءٍ. وَبَعْدَ أَنْ أَصْبَحْتُ عَجُوزًا، أَصْبَحَ يُهِينُنِي، وَيَشْتِمُنِي، وَيَضْرِبُنِي، وَيُحَمِّلُنِي فَوْقَ طَاقَتِي؛ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَدًا كُلَّ جَمِيلٍ قَدَّمْتُ. هَذَا طَبْعُكُمْ أَنْتُمُ الْبَشَرُ، وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ تُعَامَلَوا.

ضَحِكَ النَّمِرُ، وَنَظَرَ إِلَى الشَّيْخِ شَامِتًا، ثُمَّ مَشَى مَعَهُ حَتَّى قَابَلَا ثَوْرًا. نَادَى الشَّيْخُ الثَّوْرَ: أَيُّهَا الثَّوْرُ الْقَوِيُّ الْمُخْلِصُ. اِسْمَعْ قِصَّتَنَا وَاحْكُمْ بَيْنَنَا.

سَمِعَ الثَّوْرُ الْقِصَّةَ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَرَى حَالِيَ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ كُنْتُ قَوِيًّا مُخْلِصًا فِي شَبَابِي، وَكَانَ صَاحِبِي يَفْخَرُ بِي دَائِمًا. كُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى حِرَاثَةِ حَقْلِهِ نَشِيطًا فَرِحًا، وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيَهْتَمُّ بِي. وَبَعْدَ أَنْ كَبِرْتُ وَأَصْبَحْتُ عَاجِزًا، رَمَانِي فِي الْبَرِيَّةِ وَلَمْ يُفَكِّرْ فِيَّ أَبَدًا. كَانَ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيَّ جَزَاءَ كُلِّ جَمِيلٍ قَدَّمْتُهُ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَدِّرِ الْجَمِيلَ وَالْمَعْرُوفَ. فَلِمَاذَا يَجِبُ عَلَى النَّمِرِ أَنْ يُقَدِّرَ صَنِيعَكَ. أَنَا أَرَى أَنَّ عَلَى النَّمِرِ أَنْ يَأْكُلَكَ الْآنَ.

ضَحِكَ النَّمِرُ، وَوَثَبَ عَلَى الشَّيِخِ؛ لَكِنَّ الشَّيْخَ ذَكَّرَهُ بِاتِّفَاقِهِمَا؛ فَقَامَ النَّمِرُ عَنْهُ، وَسَارَ مَعَهُ حَتَّى رَأَيَا نَسْرًا فِي السَّمَاءِ، فَنَادَاهُ الشَّيْخُ: أَيُّهَا النَّسْرُ الْمُحَلِّقُ فِي السَّمَاءِ، اِهْبِطْ إِلَيْنَا، وَاِسْمَعْ قِصَّتَنَا، وَاحْكُمْ بَيْنَنَا.

رَوَى الشَّيْخُ لِلنَّسْرِ الْقِصَّةَ كُلَّهَا، فَأَجَابَ النَّسْرُ: أَنَا لَا أُؤْذِي الْبَشَرَ فِي شَيْءٍ؛ لَكِنَّهُم يَتَسَابَقُونَ لِاصْطِيَادِي، وَيَتَسَلَّقُونَ إِلَى أَعْشَاشِي، وَيَسْرِقُونَ أَبْنَائِي. إِنَّ الْبَشَرَ مَخْلُوقَاتٌ قَاسِيَةٌ شِرِّيرَةٌ؛ وَعَلَيْكَ أَنْ تَأْكُلَهُ أَيُّهَا النَّمِرُ.

مَشَى النَّمِرُ وَالشَّيْخُ صَامِتَيْنِ. وَكَانَ الشَّيْخُ حَزِينًا خَائِفًا، وَعَرَفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفَاتِ الْبَشَرِ لَنْ تُسَاعِدَهُ وَلَنْ تُنْقِذَهُ مِنْ وَرْطَتِهِ؛ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ الْهَرَبَ مِنَ الْنَّمِرِ أَبَدًا؛ فَتَابَعَ السَّيْرَ صَامِتًا.

وَصَلَ الشَّيْخُ وَالنَّمِرُ إِلَى نَهْرٍ، وَرَأَيَا فِيهِ تِمْسَاحًا ضَخْمًا. نَادَى الشَّيْخُ التِّمْسَاحَ: يَا حَيَوَانَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ. تَعَالَ إِلَيْنَا، وَاِسْمَعْ قِصَّتَنَا، وَاحْكُمْ بَيْنَنَا.

سَمِعَ التِّمْسَاحُ الْقِصَّةَ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: أَنَا لَا أَجْرُؤُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ النَّهْرِ بِسَبَبِ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوا رَأْسِيَ فِي الْمَاءِ، أَخَذُوا حِرَابَهُم وَرَكَضُوا إِلَيَّ يُرِيدُونَ قَتْلِي. الْبَشَرُ قُسَاةٌ قَتَلَةٌ، وَأَتَمَنَّى لَوْ أَنَّهُم غَيْرُ مَوْجُودِينَ. اُقْتُلْهُ أَيُّهَا النَّمِرُ، فَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ لَكَ شَيْئًا. لَقَدْ كُنْتَ مَحْبُوسًا بِسَبَبِ الْبَشَرِ، وَقَدْ حَانَ وَقْتُ اِنْتِقَامِكَ.

هَجَمَ النَّمِرُ عَلَى الشَّيْخِ، لَكِنَّ الشَّيْخَ صَاحَ: تَوَقَّفْ أَيُّهَا النَّمِرُ الْعَظِيمُ! لَقَدْ اِتَّفَقْنَا أَنْ تَأْكُلَنِي بَعْدَ أَنْ نَسْأَلَ سِتَّةً، وَبَقِيَ وَاحِدٌ؛ فَاِصْبِرْ قَلِيلًا.

مَشَى النَّمِرُ مَسْرُورًا مُخْتَالًا، وَمَشَى الشَّيْخُ مَحْزُونًا مَقْهُورًا؛ وَفَكَّرَ أَنَّ لَحَظَاتِهِ الْأَخِيرَةَ قَدْ حَانَتْ، وَأَنَّ أَيَّ شَيْءٍ فِي الْوُجُودِ لَنْ يُنْقِذَهُ؛ فَصَمَتَ وَنَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ.

تَوَقَّفَ النَّمِرُ وَالشَّيْخُ حِينَ رأَيَا حَيَوَانَ اِبْنِ آوَى. نَادَى الشَّيْخُ اِبْنَ آوَى: اِنْتَظِرْ يَا اِبْنَ آوَى. تَعَالَ إِلَيْنَا، وَاِسْمَعْ قِصَّتَنَا، وَاحْكُمْ بَيْنَنَا.

اِقْتَرَبَ اِبْنُ آوَى وَسَمِعَ قِصَّتَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ قَضِيَّةٌ صَعْبَةٌ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْكُمَ فِيهَا. يَجِبُ أَنْ أَرَى الْقَفَصَ، وَأَعْرِفَ الْبِيْئَةَ حَوْلَهُ؛ وَيَجِبُ أَنْ أُفَكِّرَ بِهُدُوءٍ حَتَّى لَا أَظْلِمَ أَحَدًا.

ثُمَّ مَشَى مَعَهُمَا عَائِدِينَ إِلَى مَكَانِ الْقَفَصِ. سَأَلَ اِبْنُ آوَى الشَّيْخَ: هَلْ كَانَ النَّمِرُ مَحْبُوسًا هُنَا؟

أَجَابَ الشَّيْخُ: نَعَمْ.

سَأَلَ اِبْنُ آوَى: وَأَيْنَ كُنْتَ أَنْتَ وَاقِفًا؟ قِفْ حَيْثُ كُنْتَ.

وَقَفَ الشَّيْخُ قُرْبَ الْقَفَصِ، فَقَالَ اِبْنُ آوَى لِلنَّمِرِ: وَأَيْنَ كُنْتَ أَنْتَ؟

أَجَابَ النَّمِرُ: كُنْتُ دَاخِلَ الْقَفَصِ.

قَالَ اِبْنُ آوَى: لَمْ أَفْهَمْ. كَيْفَ كُنْتَ؟ وَإِلَى أَيْنَ كُنْتَ تَنْظُرُ؟ وَأَيْنَ كَانَ ذَيْلُكَ؟

غَضِبَ النَّمِرُ، وَزَمْجَرَ: كُنْتُ فِي الْقَفَصِ، هَكَذَا!

ثُمَّ قَفَزَ إِلَى الْقَفَصِ، وَجَلَسَ كَمَا كَانَ سَابِقًا. فَقَالَ اِبْنُ آوَى لِلشَّيْخِ: وَهَلْ كَانَ الْقَفَصُ مُغْلَقًا أَمْ مَفْتُوحًا؟

أَجَابَ الشَّيْخُ: كَانَ مُغْلَقًا.

فَقَالَ اِبْنُ آوَى: أَغْلِقِ الْقَفَصَ إِذَنْ!

أَغْلَقَ الشَّيْخُ الْقَفَصَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ اِبْنُ آوَى لِلنَّمِرِ: هَذَا هُوَ مَكَانُكَ أَيُّهَا الْوَحْشُ النَّاكِرُ لِلْجَمِيلِ، الْخَائِنُ لِلْعَهْدِ. لَقَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ هَذَا الشَّيْخُ، لَكِنَّكَ خُنْتَهُ وَأَرَدْتَ أَكْلَهُ! أَنْتَ لَمْ تَشْكُرْهُ، وَأَرَدْتَ أَنْ تُعَاقِبَهُ عَلَى جَرَائِمَ فَعَلَهَا غَيْرُهُ. كَانَ عَلَيْكَ أَنْ تَتْرُكَهُ وَشَأْنَهُ، وَتَبْحَثْ عَنْ طَعَامِكَ فِي مَكَانٍ آخَرَ. وَالْآنَ، وَقَدْ أَخَذْتَ عِقَابَكَ؛ لِأَنَّكَ نَاكِرٌ لِلْجَمِيلِ… اُمْكُثْ هُنَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا وَتَتَعَلَّمَ أَنَّ جَزَاءَ الْإِحْسَانِ إِحْسَانٌ مِثْلُهُ.

ثُمَّ اِلْتَفَتَ اِبْنُ آوَى إِلَى الشَّيْخِ، وَقَالَ: وَأَنْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ الطَّيِّبُ، أَكْمِلْ رِحْلَتَكَ، وَلَا تَصْنَعِ الْمَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ.

نَظَرَ الشَّيْخُ إِلَى اِبْنِ آوَى طَوِيلًا، ثُمَّ شَكَرَهُ كَثِيرًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ، وَالنَّمِرُ يَزْأَرُ خَلْفَهُ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ. وَوَاصَلَ الشَّيْخُ طَرِيقَهُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَدِينَةِ بَنَارِسَ.

Ibnulyemen Arabic

Recent Posts

فِي غَابَةِ الشَّيَطَانِ

فِي غَابَةِ الشَّيَطَانِ This Arabic story is for learners of Arabic as an additional language.…

6 hours ago

تجليات الأسطورة في رواية التلال

تجليات الأسطورة في رواية التلال* هاجر منصور سراج  17 سبتمبر، 2024 منذ زمن بعيد، بدا…

6 hours ago

توظيف الأسطورة في الأدب العربي

توظيف الأسطورة في الأدب العربي* هاجر منصور سراج 10 سبتمبر، 2024 وقف الإنسان البدائيّ أمام…

7 hours ago

الْأَمِيرُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ

َالْأَمِيرُ الْحَادِي وَالْخَمْسُون This is an Arabic short story for beginners, namely for non-Arabs. It…

3 days ago

التجديد الشعري في العصر العباسي

التجديد الشعري في العصر العباسي هاجر منصور سراج  7 سبتمبر، 2024 أخذ الأدب في العصر…

3 days ago

الْأَمِيــْــرَةُ الْقَاسِيــَــةُ

الْأَمِيــــرَةُ الْقَاسِيــَــةُ This is an Arabic short story for foreigners / for non-Arabs. It is…

3 days ago