This story has been taken from Brothers Grimm’s Folk Tale Collections. To make it more interesting, we have elaborated upon it in order to depict the characters’ emotions and give it more meaning and humanity. For every behavior of theirs, we gave a reason to rid the story of ambiguity and simplicity that is common in folktales. The story is meant for learners of Arabic as an additional language. We have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for upper-intermediate and low advanced learners.
فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، عَاشَ شَابَّانِ فَقِيرَانِ. كَانَ أَبُو الشَّابَّيْنِ قَدْ مَاتَ قَبْلَ عَامَيْنِ، وَلَمْ يَتْرُكْ لِوَلَدَيْهِ شَيْئًا. عَمِلَ الشَّابَّانِ فِي زِرَاعَةِ الْحُقُولِ، وَبِنَاءِ الْأَكْوَاخِ، وَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ. لَمْ يَكُنْ لَدَى الشَّابَّيْنِ عَمَلٌ ثَابِتٌ؛ وَلِذَلِكَ كَانَا يَشْعُرَانِ بِالتَّعَبِ وَالْحُزْنِ. قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: لَقَدْ تَعِبْتُ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ. إِنَّنَا نَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الصَّبَاحِ وَحَتَّى الْمَسَاءِ؛ لَكِنَّنَا لَا نَمْلِكُ كَثِيرًا مِنَ الْمَالِ. أَتَمَنَّى لَوْ أَمْلِكُ فَائِضًا مِنَ الْمَالِ كَيْ أَلْهُوَ وَأَمْرَحَ.
قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: لَوْ كَانَ لَدَيْنَا فَائِضٌ، لَاِشْتَرَيْنَا أَرْضًا وَزَرَعْنَاهَا. يَجِبُ أَنْ نَسْتَقِرَّ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: لَوْ أَجِدُ طَرِيقَةً لِلْحُصُولِ عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ فِي وَقْتٍ قَصِيرٍ!
فَقَالَ لَهُ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: لَا تُوجَدُ طَرِيقَةٌ، يَا أَخِي. لَقَدْ عَاشَ أَبُونَا عُمْرًا طَوِيلًا، وَلَمْ يَجْمَعْ مَالًا يُسَهِّلُ لَنَا عَيْشَنَا قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَسُولًا، وَكَانَ يُفَكِّرُ مِثْلَكَ.
غَضِبَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ، وَقَالَ: هَلْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَشْقَى فِي عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ. أَنَا أُرِيدُ بَعْضَ الْمَرَحِ فِي حَيَاتِي. أُرِيدُ رَاحَةً طَوِيلَةً وَمَالًا كَثِيرًا.
كَانَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ يُرِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا؛ لَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَحْلُمَ فَقَطْ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: سَوْفَ أَخْرُجُ كَيْ أَبْحَثَ عَنْ طَرِيقَةٍ تَجْعَلُنَا أَغْنِيَاءَ. إِذَا وَجَدْتُ طَرِيقَةً، سَأَعُودُ وَأُخْبِرُكَ.
فَقَالَ لَهُ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: حَسَنًا. لَكِنِّي لَا أَثِقُ بِالْحُلُولِ السِّحْرِيَّةِ. سَيَنْتَهِي السِّحْرُ قَرِيبًا. إِنَّ الطَّرِيقَةَ الْوَحِيدَةَ لِلْحُصُولِ عَلَى الْمَالِ هِيَ الْعَمَلُ الشَّاقُّ.
غَضِبَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ، وَصَاحَ: سَتَظَلُّ فِي أَعْمَالِكَ الْمُتْعِبَةِ حَتَّى تَمُوتَ! لَنْ تَحْصُلَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
سَافَرَ الْأَخُ إِلَى الْمَدِينَةِ. لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَخِ مَالٌ كَثِيرٌ؛ فَنَامَ فِي الْأَزِقَّةِ، وَسَرَقَ مِنَ الْأَسْوَاقِ، وَهَرَبَ مِنْ مُلَاحَقَةِ الْعَسْكَرِ. وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، تَمَشَّى فِي الْمَدِينَةِ طَوِيلًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْحُقُولِ. وَهُنَاكَ، رَأَى نِسَاءً يَبْكِينَ. اِقْتَرَبَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ وَسَأَلَهُنَّ عَنْ سَبَبِ الْبُكَاءِ، فَأَجَبْنَ: إِنَّهُ الْخِنْزِيرُ الْبَرِيُّ! ذَلِكَ الْخِنْزِيرُ الْمَلْعُونُ!
لَمْ يَسْمَعِ الْأَخُ الْأَكْبَرُ عَنِ الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ مِنْ قَبْلُ، فَسَأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ. أَخْبَرَتِ النِّسَاءُ الْأَخَ الْأَكْبَرَ أَنَّ فِي الْغَابَةِ خِنْزِيرًا بَرِّيًّا عَنِيفًا. يُهَاجِمُ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ الْمُزَارِعِينَ وَالْحُقُولَ. يُدَمِّرُ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ الْمَحَاصِيلَ كُلَّ عَامٍ. لَمْ يَعْرِفِ الْأَخُ الْأَكْبَرُ مَاذَا يَفْعَلُ، فَتَرَكَ النِّسَاءَ يَبْكِينَ وَغَادَرَ. وَحِينَ مَرَّ مِنْ أَمَامِ أَحَدِ الْأَكْوَاخِ، سَرَقَ طَعَامًا وَرَكَضَ مُبْتَعِدًا.
وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ، سَمِعَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ مُنَادِيَ الْمَلِكِ، يُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مَلِكَنَا الْعَظِيمَ يَعْرِضُ مُكَافَأَةً كَبِيرَةً لِمَنْ يَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ الْبَرِّيَّ الَّذِي يُدَمِّرُ مَحَاصِيلَنَا، وَيَقْتُلُ الْمُزَارِعِينَ. سَوْفَ يَمْنَحُ الْمَلِكُ أَلْفَ دِينَارٍ ذَهَبِيٍّ لِقَاتِلِ الْخِنْزِيرِ.
فَرِحَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ وَتَحَمَّسَ، فَرَكَضَ نَحْوَ الْقَصْرِ ضَاحِكًا. وَحِينَ وَصَلَ، رَأَى الْكَثِيرَ مِنَ الرِّجَالِ، يُسَجِّلُونَ أَسْمَاءَهُم. نَظَرَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ إِلَى الرِّجَالِ الضِّخَامِ وَالْأَقْوِيَاءِ، فَخَافَ. قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ لِنَفْسِهِ: أَنَا لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا إِذَا اِشْتَرَكَ هَؤُلَاءِ! يَجِبُ أَنْ أَنْتَظِرَ حَتَّى يَمُوتُونَ. إِنَّهُ خِنْزِيرٌ بَرِّيٌّ عَنِيفٌ وَلَنْ يَسْتَطِيعَ شَخْصٌ وَاحِدٌ هَزِيمَتَهُ.
سَجَّلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ اِسْمَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْغَابَةِ مَعَ عَشْرَةِ رِجَالٍ. سَارَ الرِّجَالُ فِي الْأَمَامِ، فَاِخْتَبَأَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ فِي الْخَلْفِ، ثُمَّ تَسَلَّقَ شَجَرَةً وَرَاقَبَ الرِّجَالَ. أَخَذَ الرِّجَالُ يَصِيحُونَ كَيْ يَخْرُجَ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ. كَانَ الرِّجَالُ يَحْمِلُونَ سُيُوفًا، وَفُؤُوسًا، وَرِمَاحًا، وَسِهَامًا. خَرَجَ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ غَاضِبًا، ثُمَّ هَاجَمَ الرِّجَالَ. أَخَذَ الرِّجَالُ يَضْرِبُونَ الْخِنْزِيرَ الْبَرِّيَّ بِالسُّيُوفِ وَالْفُؤُوسِ. رَمَى الرِّجَالُ الرِّمَاحَ وَالسِّهَامِ، لَكِنَّهُم لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُصِيبُوا الْخِنْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّكُ كَثِيرًا.
قَتَلَ الْخِنْزِيرُ الرِّجَالَ كُلَّهُم، ثُمَّ عَادَ إِلَى وِجَارِهِ. ظَلَّ الْأَخُ الْأَكْبَرُ يَرْتَعِشُ فَوْقَ الشَّجَرَةِ حَتَّى أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْيَوْمِ التَّالِي. نَزَلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ مِنْ عَلَى الشَّجَرَةِ فِي بُطْءٍ وَهُدُوءٍ، ثُمَّ تَسَلَّلَ خَارِجَ الْغَابَةِ. مَشَى الْأَخُ الْأَكْبَرُ بَعِيدًا عَنِ الْحُقُولِ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ، ثُمَّ غَادَرَ الْمَدِينَةَ، وَعَادَ إِلَى قَرْيَتِهِ.
حِينَ وَصَلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ إِلَى قَرْيَتِهِ، لَمْ يَجِدْ أَخَاهُ الْأَصْغَرَ. بَحَثَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ طَوِيلًا، وَسَأَلَ النَّاسَ. أَخْبَرَ النَّاسُ الْأَخَ الْأَكْبَرَ عَنْ عِنْوَانِ أَخِيهِ، فَذَهَبَ إِلَى الْعِنْوَانِ مُسْتَغْرِبًا. كَانَ الْبَيْتُ كَبِيْرًا وَوَاسِعًا، وَكَانَتْ حَوْلَهُ مَزَارِعُ كَثِيرَةٌ. فَكَّرَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ فِي نَفْسِهِ: رُبَّمَا سَرَقَ أَخِي مَالَ الْمَالِكِ الْحَقِيقِي، أَوْ خَدَعَ اِبْنَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا.
طَرَقَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ الْبَابَ، فَفَتَحَ لَهُ الْأَخُ الْأَصْغَرُ. كَانَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ يَلْبَسُ ثِيَابًا بَسِيطَةً، فَاِسْتَغْرَبَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ. أَرَادَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ أَنْ يَسْأَلَ أَخَاهُ عَنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَخَ الْأَصْغَرَ عَانَقَ أَخَاهُ الْأَكْبَرَ فَرِحًا، وَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ دَعَاهُ إِلَى الدَّاخِلِ.
مَشَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ نَحْوَ بِنَاءٍ صَغِيرٍ قُرْبَ السُّورِ، وَقَالَ لِأَخِيهِ: أَنَا أَعْمَلُ حَارِسًا وَأَسْكُنُ فِي هَذَا الْبِنَاءِ. أَنَا أَحْرُسُ الْمَنْزِلَ وَالْحُقُولَ، وَأَحْيَانًا أَعْمَلُ فِي الزِّرَاعَةِ. يُعْطِينِي الْمَالِكُ أَجْرًا ثَابِتًا مِنَ الْمَالِ كُلَّ شَهْرٍ. أَنَا أَشْعُرُ بِالرَّاحَةِ بِسَبَبِ هَذَا الاِسْتِقْرَارِ.
سَخِرَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ مِنْ أَخِيهِ: هَلْ هَذَا كُلُّ مَا اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَفْعَلَهُ؟ عَمَلٌ ثَابِتٌ؟ حَارِسٌ؟ أَنْتَ أَحْمَقُ، وَتَرْضَى بِالْقَلِيلِ!
فَتَحَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ بَابَ الْبِنَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا لَا أُرِيدُ الْمَالَ كَيْ أَلْهُوَ. أَنَا أُرِيدُ الْمَالَ حَتَّى أُسَهِّلَ لِأَبْنَائِيَ الْعَيْشَ.
ضَحِكَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ قَائِلًا: أَبْنَاؤُكَ؟ تَزَوَّجْ أَوَّلًا ثُمَّ تَكَلَّمْ عَنِ الْأَبْنَاءِ! أَنْتَ لَا تَمْلِكُ مالًا كَيْ تَتَزَوَّجَ!
دَخَلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ الْبِنَاءَ الصَّغِيرَ، فَرَأَى اِمْرَأَةً، وَفِي حِضْنِهَا طِفْلٌ صَغِيرٌ. قَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ، يَا زَوْجِي؟
فَأُصِيبَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ بِالدَّهْشَةِ. قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: أَنْتَ مُسَافِرٌ مُنْذُ عَامَيْنِ، يَا أَخِي. لَقَدْ حَدَثَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ. لَقَدْ تَزَوَّجْتُ وَأَنْجَبْتُ، وَأَنْتَ لَمْ تَعُدْ، وَأَنَا لَا أَعْرِفُ مَكَانَكَ.
شَعَرَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ بِالْحَسَدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَاطِلًا، وعَازِبًا، وَفَاشِلًا. تَمَنَّى الْأَخُ الْأَكْبَرُ أَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ؛ لِأَنَّهُ عَادَ دُونَ شَيْءٍ. مَكَثَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ فِي بَيْتِ أَخِيهِ، وَجَلَسَ مَعَهُ أَثْنَاءَ الْحِرَاسَةِ، وَتَجَوَّلَ مَعَهُ فِي الْحُقُولِ. وَطَوَالَ الْوَقْتِ، كَانَ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقَةٍ لِقَتْلِ أَخِيهِ وَالْاِسْتِيلَاءِ عَلَى عَمَلِهِ وَزَوْجَتِهِ.
وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، سَأَلَ بَعْضُ الْمُزَارِعِينَ الْأَخَ الْأَكْبَرَ عَمَّا فَعَلَهُ فِي الْمَدِينَةِ، فَحَكَى لَهُم قِصَّةَ الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ. قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: أَعْلَنَ الْمَلِكُ عَنْ جَائِزَةٍ لِمَنْ يَقْضَي عَلَى الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ. إِنَّهُ خِنْزِيرٌ عَنِيفٌ جِدًّا، وَقَدْ أَرْسَلَ الْمَلِكُ جَيْشًا كَامِلًا لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ مِنَ الْجَيْشِ. جَمِيعُهُم مَاتُوا!
شَهَقَ بَعْضُ الْمُزَارِعِينَ مَفْزُوعِينَ، وَقَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: لَوْ أَنَّهُم نَصَبُوا لَهُ كَمِينًا، لَاسْتَطَاعُوا قَتْلَهُ دُونَ خَسَائِرَ.
ضَحِكَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ سَاخِرًا: لَقَدْ جَرَّبُوا كُلَّ الطُّرُقِ! لَقَدْ عَرَضَ الْمَلِكُ مُكَافَأَةً كَبِيرَةً، وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ مِنَ الْغَابَةِ حَيًّا.
سَأَلَ أَحَدُ الْمُزَارِعِينَ الْأَخَ الْأَكْبَرَ: وَهَلِ اِشْتَرَكْتَ أَنْتَ؟
أَجَابَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: نَعَمْ! لَقَدْ حَارَبْتُ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ الْمَلْعُونَ بِشَجَاعَةٍ مُنْقَطِعَةِ النَّظِيرِ! قُدْتُ عَشْرَةَ رِجَالٍ أَقْوِيَاءَ فِي مَعْرَكَةٍ طَوِيلَةٍ. اِسْتَمَرَّتِ الْمَعْرَكَةُ يَوْمًا كَامِلًا. لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنِّي مُتُّ مَعَ رِجَالِي؛ لَكِنِّي اِسْتَيْقَظْتُ حَيًّا، وَرَأَيْتُهُم حَوْلِيَ أَمْوَاتًا. حَزِنْتُ كَثِيرًا، فَدَفَنْتُهُم فِي الْغَابَةِ وَعُدْتُ إِلَى الْقَرْيَةِ. أَنَا لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُبْلِغَ الْمَلِكَ بِسَبَبِ حُزْنِيَ الْكَبِيرِ.
قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: كَانَ هَذَا خَطَأً، يَا أَخِي! رُبَّمَا يَظُنُّ الْمَلِكُ أَنَّكَ لَا تَزَالُ تُحَارِبُ هُنَاكَ! عَلَيْكَ أَنْ تَعُودَ وَتُخْبِرَهُ بِمَا حَدَثَ!
تَنَهَّدَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ، وَقَالَ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَعُودَ؛ لَكِنَّنِي سَأَهْزِمُ الْخِنْزِيرَ اللَّعِينَ هَذِهِ الْمَرَّةَ. مَنْ يُرَافِقُنِي مِنْكُم؟
خَافَ الْمُزَارِعُونَ، وَتَحَجَّجُوا بِأَعْمَالِهِم. قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: أَنَا لَا أَهْتَمُّ بِالْمُكَافَأَةِ! وَلَا أَهْتَمُّ بِالْمَجْدِ! أَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَلِّصَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ الْوَحْشِ! أَنْتُمْ لَمْ تَرَوا كَيْفَ بَكَتِ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَأَبْنَائِهِنَّ! لَقَدْ لَطَمْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَمَزَّقْنَ ثِيَابَهُنَّ حُزْنًا! لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَجَاهَلَهُنَّ! حِينَ رَأَيْتُهُنَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، أَسْرَعْتُ إِلَى الْمَلِكِ كَيْ أَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَحَ لِيَ بِالذَّهَابِ، وَأَنْ يُعِيْنَنِي بِالرِّجَالِ! مَنْ يُرَافِقُنِي مِنْكُم؟ مِنْ أَجْلِ مُسَاعَدَةِ الضُّعَفَاءِ!
تَهَرَّبَ الْمُزَارِعُونَ وَغَادَرُوا؛ لَكِنَّ الْأَخَ الْأَكْبَرَ لَمْ يَكُنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِم؛ بَلْ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَخِيهِ. كَانَ وَاثِقًا أَنَّ أَخَاهُ سَوْفَ يُسَاعِدُهُ. وَحِينَ يَذْهَبَانِ، سَيَتْرُكُ أَخَاهُ يَمُوتُ، ثُمَّ يَعُودُ لِيَأْخُذَ عَمَلَهُ، وَبَيْتَهُ، وَزَوْجَتَهُ. لَنْ يُضْطَرَّ إِلَى الْعَمَلِ فِي أَعْمَالٍ كَثِيرَةٍ كَيْ يَحْصُلَ عَلَى الْمَالِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجَ!
قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: أَنَا مَعَكَ، يَا أَخِي! أَنَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَجَاهَلَ مُعَانَاةَ النَّاسِ!
فَرِحَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ، لَكِنَّهُ قَالَ: لَكِنَّنِي أَخْشَى أَنْ تَمُوتَ، يَا أَخِي!
فَقَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: إِنْ مُتُّ، فَسَوْفَ تَعْتَنِي أَنْتَ بِعَائِلَتِي. هَيَّا لِنَذْهَبَ!
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، سَافَرَ الْأَخَوَانِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَحِينَ كَانَا يَمْشِيَانِ فِي الْأَسْوَاقِ، سَمِعَا مُنَادِيَ الْمَلِكِ، يُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ مَلِكَنَا الْعَظِيمَ سَوْفَ يُزَوِّجُ اِبْنَتَهُ الْأَمِيرَةَ بِقَاتِلِ الْخِنْزِيرِ! الْخِنْزِيرُ هُوَ عَدُوُ الْمَلِكِ! الْخِنْزِيرُ هُوَ مَنْ يُدَمِّرُ مَحَاصِيلَنَا، وَيَقْتُلُ النَّاسَ، وَيَهْدِمُ الْبِيُوتَ! اُقْتُلُوا الْخِنْزِيرَ!
سَمِعَ الْأَخَوَانِ النَّاسَ، يَتَكَلَّمُونَ فِي السُّوقِ قَائِلِينَ:
– اللَّعْنَةُ عَلَى هَذَا الْخِنْزِيرِ! لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ قَتْلَهُ!
– مَاتَ الْأَقْوِيَاءُ كُلُّهُم بِسَبَبِ هَذَا الْوَحْشِ!
– لَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ لِقَتْلِهِ مَهْمَا كَانَتِ الْمُكَافَأَةُ!
– حَيَاةُ الْإِنْسَانِ أَغْلَى مِنْ الزَّوَاجِ بِالْأَمِيرَةِ!
قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: عَلَيْنَا أَنْ نَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، يَا أَخِي. هَيَّا لِنَذْهَبَ.
ذَهَبَ الْأَخَوَانِ إِلَى الْقَصْرِ، وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ أَنَّهُمَا سَيَذْهَبَانِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ، فَقَالَ الْمَلِكُ: لَقَدْ ذَهَبَ رِجَالٌ أَقْوَى مِنْكُمَا، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ قَتْلَ الْخِنْزِيرِ.
قَالَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: نَسْتَطِيعُ أَنْ نَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ بِالْحِيلَةِ.
فَقَالَ الْمَلِكُ: فِكْرَةٌ جَيِّدَةٌ. اُدْخُلَا مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ. بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، سَوْفَ نُرْبِكُ الْخِنْزِيرَ، وَسَوْفَ أَحْصُلُ عَلَى تَقْرِيرٍ مِنَ النَّاجِي. إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمَا، يَهْرُبُ الثَّانِي!
فَرِحَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ بِأَوَامِرِ الْمَلِكِ؛ لِأَنَّهُ لَنْ يَظْهَرَ بِمَظْهَرِ الْهَارِبِ الْجَبَانِ بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ أَخُوهُ. دَخَلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ الْغَابَةَ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ، وَدَخَلَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ. فِي جِهَةِ الْغَرْبِ، رَأَى الْأَخُ الْأَكْبَرُ حَانَةً صَغِيرَةً، فَدَخَلَهَا. قَالَ لِنَفْسِهِ: سَأَنْتَظِرُ هُنَا قَلِيلًا، ثُمَّ سَأَذْهَبُ لِأَرَى مَصْرَعَ أَخِي وَأَعُودَ. كَانَ النَّاسُ يَرْقُصُونَ وَيَمْرَحُونَ فِي الْحَانَةِ، فَرَقَصَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ مَعَهُم.
وَفِي جِهَةِ الشَّرْقِ، مَشَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ بَيْنَ النَّبَاتَاتِ الْعِمْلَاقَةِ صَامِتًا حَتَّى رَأَى قَزَمًا يَمْشِي، وَهُوَ يَحْمِلُ رُمْحًا أَسْوَدَ. نَظَرَ الْقَزَمُ إِلَى الْأَخِ الْأَصْغَرِ، وَسَأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ وَمَاذَا تَفْعَلُ هُنَا؟
أَجَابَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: أَنَا رَجُلٌ فَقِيرٌ مِنْ قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ. وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى هُنَا كَيْ أَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ الْبَرِيَّ.
ضَحِكَ الْقَزَمُ، وَقَالَ: وَمَاذَا عَرَضَ الْمَلِكُ هَذِهِ الْمَرَّةَ؟
أَجَابَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: أَنَا لَا أَهْتَمُّ بِالْمُكَافَأَةِ. لِي زَوْجَةٌ وَاِبْنٌ فِي قَرْيَتِي. إِنْ فُزْتُ، سَأَشْكُرُ الْمَلِكَ وَأَعُودُ إِلَى عَائِلَتِي. وَإِنْ قُتِلْتُ، سَوْفَ يَهْتَمُّ أَخِي الْأَكْبَرُ بِعَائِلَتِي.
ضَحِكَ الْقَزَمُ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَالَ: وَهَلْ تَثِقُ بِأَخِيكَ؟
أَجَابَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ: طَبْعًا! إِنَّهُ أَخِي! لَقَدْ عَمِلْنَا مَعًا، وَتَعِبْنَا مَعًا. لَقَدْ جَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَيْ يَبْحَثَ عَنِ الْمَالِ، وَوَعَدَنِي أَنْ يُخْبِرَنِي عَنْ ذَلِكَ؛ لَكِنَّهُ وَجَدَ الْوَسِيلَةَ خَطِرَةً، فَلَمْ يُخْبِرْنِي. لَقَدْ خَافَ عَلَيَّ؛ وَلِهَذَا، سَوْفَ أَتَنَازَلُ عَنِ الْجَائِزَةِ الْمَالِيَّةِ لَهُ.
هَذِهِ الْمَرَّةَ لَمْ يَضْحَكِ الْقَزَمُ؛ بَلَ نَظَرَ إِلَى الْأَخِ الْأَصْغَرِ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ شَابٌّ طَيِّبٌ! خُذْ هَذَا الرُّمْحَ كَيْ تَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ اللَّعِينَ. لَقَدْ صَنَعْتُهُ كَيْ أَقْتُلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُزْعِجُنَا نَحْنُ أَيْضًا. خُذْ! أَتَمَنَّى أَنْ تُصَوِّبَ بِدِقَّةٍ. صَوِّبْ عَلَى قَلْبِهِ.
شَكَرَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ الْقَزَمَ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ الْبَرِّيَّ. مَشَى الْأَخُ طَوِيلًا حَتَّى وَجَدَ الْخِنْزِيرَ الْبَرِّيَّ. اِخْتَبَأَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ قَلِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ الرُّمْحَ الْأَسْوَدَ وَصَوَّبَ عَلَى قَلْبِ الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ، فَأَصَابَهُ.
وَقَعَ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ مَيِّتًا، فَنَزَلَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ وَنَزَعَ الرُّمْحَ. وَقَبْلَ أَنْ يَتَحَرَّكَ، ظَهَرَ الْقَزَمُ أَمَامَهُ، وَقَالَ: أَنْتَ شُجَاعٌ وَطَيِّبٌ! لَنْ يَمُوتَ ذِكْرُكَ أَبَدًا! حَتَّى إِنْ تَخَلَّيْتَ عَنِ الْجَائِزَةِ، سَيَتَذَكَّرُ كُلُّ شَيْءٍ أَنَّكَ أَنْتَ مَنْ قَتَلْتَ الْخِنْزِيرَ الَّذِي هَدَمَ مَنَازِلَنَا وَأَعْمَالَنَا.
أَعْطَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ الرُّمْحَ لِلْقَزَمِ، لَكِنَّ الْقَزَمَ رَفَضَ أَنْ يَأْخُذَهُ. قَالَ الْقَزَمُ: إِنَّهُ هَدِيَّةٌ مِنِّي! ثُمَّ غَادَرَ الْقَزَمُ. مَشَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ يَحْمِلُ الْخِنْزِيرَ عَلَى ظَهْرِهِ. كَانَتِ الشَّمْسُ قَدْ غَرَبَتْ حِينَ وَصَلَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ إِلَى الْمَخْرَجِ الْغَرْبِيِّ. سَمِعَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ أَصْوَاتَ ضَحِكٍ وَأَغَانٍ، فَاِقْتَرَبَ مِنْ مَصْدَرِ الصَّوْتِ. رَأَى الْأَخُ حَانَةً، لَكِنَّهُ تَابَعَ سَيْرَهُ. خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْحَانَةِ، وَنَظَرَ إِلَى الْأَخِ الْأَصْغَرِ، ثُمَّ صَاحَ فَرِحًا: أَهَذَا أَنْتَ، يَا أَخِي؟
عَرَفَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ صَوْتَ أَخِيهِ الْأَكْبَرِ، فَاِقْتَرَبَ مِنْهُ. نَظَرَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ إِلَى الْخِنْزِيرِ الْبَرِّيِّ مُنْدَهِشًا، ثُمَّ صَاحَ: كَيْفَ؟ كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟
أَخْبَرَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ أَخَاهُ عَنِ الْقَزَمِ، وَأَرَاهُ الرُّمْحَ. قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: اُتْرُكِ الْخِنْزِيرَ وَالرُّمْحَ هُنَاكَ، وَتَعَالَ كَيْ نَحْتَفِلَ وَتَرْتَاحَ قَلِيلًا.
شَكَرَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ أَخَاهُ، وَدَخَلَ فَرِحًا. شَرِبَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ مَعَ أَخِيهِ، وَغَنَّى، وَمَزَحَ مَعَ الْجَمِيعِ. وَبَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، غَادَرَ الْأَخَوَانِ الْحَانَةَ. مَشَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ يَحْمِلُ الْخِنْزِيرَ، وَحَمَلَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ الرُّمْحَ. وَحِينَ وَصَلَا إِلَى الْجِسْرِ الَّذِي يَفْصِلُ الْمَدِينَةَ عَنِ الْغَابَةِ، قَالَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: إِنَّ هَذَا الْخِنْزِيرَ ثَقِيلٌ. دَعْنِي أُسَاعِدُكَ!
وَضَعَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ الْخِنْزِيرَ، وَمَدَّ ذِرَاعَيْهِ مُتْعَبًا. مَشَى الْأَخُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ يَقُولُ: سَوْفَ أُسَلِّمُ الْخِنْزِيرَ لِلْمَلِكِ وَأَعُودُ إِلَى عَائِلَتِي.
ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى أَخِيهِ الْأَكْبَرِ، فَرَآهُ يَرْكُضُ نَحْوَهُ، وَهُوَ يَحْمِلُ الرُّمْحَ. طَعَنَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ أَخَاهُ الْأَصْغَرَ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ الْجِسْرِ.
وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، عَادَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ إِلَى الْقَصْرِ حَامِلًا الْخِنْزِيرَ الْبَرِّيَّ، فَفَرِحَ الْمَلِكُ، وَالْعَسْكَرُ، وَالْمُزَارِعُونَ، وَالشَّعْبُ كُلُّهُ. سَأَلَ الْمَلِكُ عَنِ الْأَخِ الْأَصْغَرِ، فَأَجَابَ الْأَخُ الْأَكْبَرُ: لَا أَعْلَمُ. أَنَا قَلِقٌ عَلَيْهِ. إِذَا لَمْ يَعُدْ… فَهَذَا يَعْنِي أَنَّهُ مَاتَ! ثُمَّ بَكَى. وَاسَى الْمَلِكُ وَالْأَمِيرَةُ الْأَخَ الْأَكْبَرَ، وَذَكَّرَاهُ بِنَصْرِهِ الْكَبِيرِ. وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ، أُقِيمَ حَفْلُ زِفَافِ الْأَمِيرَةِ وَالْأَخِ الْأَكْبَرِ. ظَنَّ الْأَخُ الْأَكْبَرُ أَنَّ الْمَلِكَ سَيَمُوتُ قَرِيبًا؛ لَكِنَّ سَنَواتٍ طَوِيلَةً مَضَتْ، وَالْمَلِكُ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ.
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، مَشَى رَاعٍ مِنْ فَوْقِ الْجِسْرِ الْغَرْبِيِّ، وَمَشَى قَطِيعُ الْأَغْنَامِ أَمَامَهُ. سَمِعَ الرَّاعِي قِطَّةً تَمُوءُ أَسْفَلَ الْجِسْرِ. نَظَرَ الرَّاعِي تَحْتَ الْجِسرِ، ثُمَّ صَاحَ: كَيْفَ نَزَلْتِ إِلَى هُنَاكَ، أَيَّتُهَا الْقِطَّةُ الْمِسْكِينَةُ؟
عَادَتِ الْقِطَّةُ تَمُوءُ، فَصَاحَ: اِنْتَظِرِينِي، سَوْفَ آتِي إِلَيْكِ.
عَادَ الرَّاعِي أدْرَاجَهُ، وَنَزَلَ إِلَى أَسْفَلِ الْجِسْرِ. اِقْتَرَبَ الرَّاعِي مِنَ الْقِطَّةِ، فَرَأَى تَحْتَ قَدَمَيْهَا عَظْمَةً بَيْضَاءَ. جَلَسَ الرَّاعِي، وَحَمَلَ الْقِطَّةَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْعَظْمَةِ قَائِلًا: مَاذَا تَفْعَلُ هَذِهِ الْعَظْمَةُ الْبَيْضَاءُ هُنَا؟ ثُمَّ أَخَذَ الْعَظْمَةَ وَتَفَحَّصَهَا طَوِيلًا. قَالَ الرَّاعِي: هَذِهِ الْعَظْمَةُ تَصْلُحُ مَبْسِمًا لِمِزْمَارِي. شُكْرًا لَكِ، أَيَّتُهَا الْقِطَّةُ الْمِسْكِينَةُ!
حَمَلَ الرَّاعِي الْقِطَّةَ والْعَظْمَةَ، وَتَسَلَّقَ عَائِدًا إِلَى الْجِسْرِ. نَحَتَ الرَّاعِي الْعَظْمَةَ حَتَّى أَصْبَحَتْ مَبْسِمًا مُنَاسِبًا لِمِزْمَارِهِ، ثُمَّ رَكَّبَ الْمَبْسِمَ وَنَفَخَ فِيهِ. لَمْ يَسْمَعِ الرَّاعِي صَوْتَ الْمِزْمَارِ، بَلْ سَمِعَ أُغْنِيَةً:
اُنْفُخْ طَوِيلًا أَيُّهَا الرَّاعِي،
وَرَدِّدْ مُطَوَّلًا حِكَايَتِي.
فِي الْقَرْيَةِ، تَنَامُ اِمْرَأَتِي وَطِفْلِي،
وَفِي الْحُقُولِ، وَضَعْتُ مِعْوَلِي.
دَخَلْتُ الْغَابَةَ أَنَا وَأَخِي
فِي الطَّرِيقِ، قَزَمٌ لَقِيَنِي
رُمْحًا أَسْوَدَ أَعْطَانِي
قَتَلْتُ الْخِنْزِيرَ بِرَمْيَتِي.
وَعَلَى الْجِسْرِ، أَخِي غَدَرَ بِي
بِالرُّمْحِ الْأَسْوَدِ طَعَنَنِي
وَأَسْفَلَ الْجِسْرِ رَمَانِي
بَالتُّرَابِ الثَّقِيلِ غَطَّانِي
قَالَ الرَّاعِي: إِنَّهُ مِزْمَارٌ عَجِيبٌ! إِنَّهُ يُغَنِّي! يَجِبُ أَنْ يَرَى الْمَلِكُ هَذِهِ الْأُعْجُوبَةَ! ثُمَّ فَكَّرَ أَنَّ الْمَلِكَ سَوْفَ يُعْطِيهِ مَالًا كَثِيرًا كَيْ يَحْصُلَ عَلَى الْمِزْمَارِ، فَفَرِحَ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، ذَهَبَ الرَّاعِي إِلَى الْمَلِكِ، وَنَفَخَ فِي الْمِزْمَارِ. فَهِمَ الْمَلِكُ الْأُغْنِيَةَ، فَنَادَى الْحَرَسَ. خَافَ الرَّاعِي، لَكِنَّ الْمَلِكَ طَمْأَنَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُرْشِدَ الْحَرَسَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْعَظْمَةَ.
ذَهَبَ الْحَرَسُ إِلَى تَحْتِ الْجِسْرِ، وَحَفَرُوا. عَثَرَ الْحَرَسُ عَلَى عِظَامِ الْأَخِ الْأَصْغَرِ. حَمَلَ الْحَرَسُ الْهَيْكَلَ الْعَظْمِيَّ إِلى الْمَلِكِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: لَقَدْ نَطَقَتْ عِظَامُ الْقَتِيلِ بِالْحَقِيقَةِ.
أَمَرَ الْمَلِكُ بِوَضْعِ الْأَخِ الْأَكْبَرِ فِي كِيسٍ، وَرَمْيِهِ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ أَمَرَ بِنَقْلِ عِظَامِ الْأَخِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، وَدَفْعِ مَبْلَغٍ كَبِيرٍ مِنَ الْمَالِ كُلَّ شَهْرٍ لِعَائِلَتِهِ.
شعر الغزل في العصر الأموي هاجر منصور سراج 3 ديسمبر، 2024 بَدأت الدولة الأموية بمعاوية…
عَلَى أَرْصِفَةِ مَدِيْنَتِي هاجر منصور سراج 30 نوفمبر، 2024 نقعد على أرصفة فارغة نتعاطى اليأس…
إِلَى مَلَكُوتِكَ الأَعْلَى هاجر منصور سراج 5 نوفمبر، 2024 والآن، إذ تنظر من ملكوتك الأعلى…
بين ألسنة الليل هاجر منصور سراج 12 أكتوبر، 2024 (0) بين ألسنة الليل تتلوى الحكايات…
الْحَيَّةُ الْبَيْضَاءُ This story has been taken from Brothers Grimm’s Folk Tale Collections. To make…